في إحدى ليالي الخريف أثناء إبحار إحدى السفن الحربية ، وقف القبطان ينظر في ليلة مقمرة إلى صفاء النجوم ويحدق في الكواكب اللامعة ، ويسمع صوت هدير محركات سفينته التي تمخر عباب البحر.
وفجأة ؛ رأى من بعيد ضوءً يسطع ، وهذا الضوء يتجه مباشرة إليه.
انتبه إليه القبطان ، وأخذ يتابعه ، فشعر بالخطر لأنه إن كان سفينة ، فسيصطدمان معا ، ويغرقان ، ويكونان بخبر كان.
فما كان منه إلا أن صاح بصوته الأجش المرتفع : أرسلوا رسالة إلى ذلك القبطان ، وقولوا له أن يتجه شمالاً 30 درجة ، وكان ما أراد.
وبعد لحظة جاءه الجواب يا سعادة القبطان : لماذا لا تتجه أنت نحو اليسار 30 درجة ؟ فنحن لا نستطيع ، وننصحك بتغيير الاتجاه بمقدار 180 درجة.
القبطان : قولوا له أن ينحرف هو بمقدار 30 درجة ، أما عن سفينتي فليس ذلك من شأنهم !
وبعد لحظة جاءه الرد : لماذا يا قبطان تجادل وتصر على إصدار الأوامر؟ دون أن تقوم أنت بتفادي التصادم بالمقدار ذاته؟
وهنا غضب القبطان ثم قال : قولوا له إذا لم ينحرف هو ، فسأقصفه بالمدافع.
وبعد لحظة جاءه الرد : يا قبطان ، نحن حقل بترول عائم ! ولا نستطيع الحركة !! احترس !!
لكن الوقت قد استنفذ في هذا الحوار اللاسلكي غير المثمر ، واصطدمت السفينة بالحقل البترولي العائم.
الدرس الذي نتعلمه من هذه القصة:
***************************
هو ألا تفترض أن الآخرين لهم مثل مواصفاتك ، وعندهم نفس أفكارك ، وأن ما نفهمه جيداً نعبّر عنه بوضوح ، وتأتي الكلمات لتقوله وتشرحه بسهولة.
وحتى نفهم الآخرين ، ونفسر مواقفهم نحتاج :
1. أن نفكر بعقولهم هم لا بعقولنا نحن ، وأن نقيس الأمور من خلال منطلقاتهم هم ، لا منطلقاتنا نحن.
2. أن نفرق بين موقفنا من رأيهم وطريقة تفكيرهم ، وبين تفسيرنا لمواقفهم.
3. أن تتسع صدورنا لمن يخالفنا الرأي ، وألا نأخذ كل كلمة بحساسية وعلى أنها موجهة لنا وتستهدفنا ، وإلا فلن نغير أنفسنا نحو الأفضل.