الحمد لله أولاً :
الأذان لغةً : الإعلام ، قال الله تعالى : { وأذن في الناس بالحج } الحج / 27 ، أي : أعلمهم به .
وشرعاً : التعبد لله بالإعلام بوقت الصلاة المفروضة ، بألفاظ معلومة مأثورة ، على صفة مخصوصة .
ثانياً :
اتفق الفقهاء على أن الأذان من خصائص الإسلام وشعائره الظاهرة . ولكنهم اختلفوا في حكمه ، فقيل : إنه فرض كفاية : وهو مذهب الإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، ومن المعاصرين : الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
وقيل : إنه سنة مؤكدة .
والصواب من القولين أنه فرض كفاية ، فإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين .
ودليل ذلك من السنة :
عن مالك بن الحويرث قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا فظن أنا قد اشتقنا إلى أهلنا فسألنا عمن تركناه من أهلنا فأخبرناه ، فقال : ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا عندهم وعلموهم ومروهم ، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم .
رواه البخاري ( 602 ) ومسلم ( 674 ) .
وفي رواية للبخاري ( 604 ) : " إذا أنتما خرجتما فأذنا ثم أقيما ثم ليؤمكما أكبركما " .
وفي رواية للترمذي ( 205 ) والنسائي ( 634 ) : عن مالك بن الحويرث قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وابن عم لي فقال : " إذا سافرتما فأذِّنا وأقيما وليؤمكما أكبركما " . صححه الألباني في " إرواء الغليل " ( 1 / 230 ) .
فهذا الحديث دليل على أن الأذان فرض على الكفاية لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يؤذن من الجماعة واحد فقط ، ولم يأمر الجماعة كلها بالأذان . انظر : توضيح الإحكام (1/424) .
قال النووي :
فيه : أن الأذان والجماعة مشروعان للمسافرين ، وفيه : الحث على المحافظة على الأذان في الحضر والسفر .
" شرح مسلم " ( 5 / 175 ) .
قال علماء اللجنة الدائمة :
الأذان فرض كفاية في البلد وهكذا الإقامة ، وإذا دخل في الصلاة بدون أذان ولا إقامة نسياناً أو جهلاً أو لغير ذلك فصلاته صحيحة .
فتاوى الجنة الدائمة (6/54) .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
والدليل على فرضيتهما – أي : الأذان والإقامة - : أمْر النبي صلى الله عليه وسلم بهما في عدة أحاديث ، وملازمته لهما في الحضر والسفر ، ولأنه لا يتم العلم بالوقت إلا بهما غالباً ، ولتعين المصلحة بهما ؛ لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة .
" الشرح الممتع " ( 2 / 38 ) .
وينبني على كون الأذان فرض كفاية أنه إذا أذن في البلد من يسمعها فقد حصلت الكفاية فلا يجب حينئذ الأذان على كل جماعة ، وإن كان الأولى والأفضل ألا يترك الأذان ولو كان المصلي منفرداً .
وقد سئلت اللجنة الدائمة :
هل من الواجب الأذان في جميع المساجد بمكبرات الصوت في حي واحد مع العلم أن المسجد الواحد يسمعه جميع المسلمين ؟ وهل يكفي الأذان في مسجد واحد من مساجد الحي ؟
الجواب : الأذان فرض كفاية فإذا أذن مؤذن في الحي وأسمع سكانه أجزأهم ، ويشرع لأهل كل مسجد أن يؤذنوا لعموم الأدلة .
وعلى هذا فالأفضل لكم أن تؤذنوا ، وإن كان ذلك غير واجب عليكم .
والله أعلم.